ويكليكس صديق جديد
عدد الرسائل : 23 العمر : 46 أعلام الدول : المزاج : المهنه : رساله شخصية : يا ربي يا رحمان يا رحيم
الى من اشكي و انت موجود....و الى من ابكي و بابك غير مردود
و من ادعو و انت فقط المعبود
و من ارجو و رجائي فيك غير محدود
كن ابن من شئت واكتسب ادبا ** يغنيك محموده عن النـــــسب
ان الفتى من يقـــــــول هاانذا ** ليس الفتى من يقول كان أبي
اِنْ أرْهَقَتْكَ يَومَاً فَرآشَة وَهِيَ تَدورُ حَوْلَ رأَسِكْ ،،وَتترآقَصْ وتَترآقَصْ
فَاِيَآكَ أنْ تُجَرّبَ قَتْلَ آلروحُ فيِهآ ،،فَهِيَ حَتْماً تَحْسَبُكَ نُورا
تاريخ التسجيل : 24/12/2010
| موضوع: اليوم الأول في القبر الجمعة ديسمبر 31, 2010 5:20 pm | |
| صدق القائل : إن الناس في غفلة فإذا هم ماتوا انتبهوا .....
إن الإيمان باليوم الآخر يعني الإيمان بكل ما أخبر به النبي r مما يكون بعد الموت ، ومن ذلك الإيمان بفتنة القبر وبعذاب القبر ونعيمه ، وذلك أن بين الموت الذي تنتهي به الحياة الأولى وبين البعث الذي تبتدئ به الحياة الثانية ( وبعبارة أخرى بين القيامة الصغرى والقيامة الكبرى ) فترة جاءت تسميتها في القرآن الكريم برزخاً ، كما في قوله تعالى : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون . لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) [ المؤمنون : 99 – 100 ] و ( البرزخ ) لغة : الحاجز بين شيئين ، ما بين الموت والبعث ، فمن مات فقد دخل البرزخ . والجمع برازخ . [ المعجم الوسيط 49 ] .
وفي هذا البرزخ نموذج من الجزاء الأخروي فهو أول منزل من منازل الآخرة ، ففيه سؤال الملكين ثم العذاب أو النعيم .
سؤال الملكين :
ويسمى بفتنة القبر ، وهي الامتحان والاختبار للميت حين يسأله الملكان . وقد تواترت الأحاديث عن النبي r في هذه الفتنة من حديث البراء بن عازب وأنس بن مالك وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم ، وهي عامة للمكلفين إلا النبيين فقد اختلف فيهم ، وكذلك اختلف في غير المكلفين كالصبيان والمجانين فقيل : لا يفتنون لأن المحنة إنما تكون للمكلفين ، وقيل : يفتنون .
وحجة من قال : إنهم يسألون : أنه يشرع الصلاة عليهم والدعاء لهم وسؤال الله أن يقيهم عذاب القبر وفتنة القبر ، كما ذكر مالك في " موطئه " عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه r صلى على جنازة صبي فسمع من دعائه : " اللهم قه من عذاب القبر " ، واحتجوا بما رواه علي بن معبد عن عائشة رضي الله عنها ، أنه مُر عليها بجنازة صبي صغير ، فبكت ، فقيل لها : ما يبكيك يا أم المؤمنين ؟ قالت : " هذا الصبي ، بكيت له شفقة عليه من ضمة القبر " .
قالوا : والله سبحانه يكمل لهم عقولهم ، ليعرفوا بذلك منزلتهم ويلهمون الجواب عما يسألون عنه ، قالوا : وقد دل على ذلك الأحاديث الكثيرة التي فيها أنهم يمتحنون في الآخرة ، وحكاه الأشعري عن أهل السنة والحديث ، فإذا امتحنوا في الآخرة لم يمتنع امتحانهم في القبور .
واحتج من قال : إنهم لا يسألون : بأن السؤال إنما يكون لمن عقل الرسول والمرسل ، فيسأل : هل آمن بالرسول وأطاعه أم لا ؟ فأما الطفل الذي لا تمييز له بوجه ما ، فكيف يقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ ولو رد إليه عقله في القبر ، فإنه لا يسأل عما لم يتمكن من معرفته والعلم به ، ولا فائدة في هذا السؤال ، وهذا بخلاف امتحانهم في الآخرة ، فإن الله سبحانه يرسل إليهم رسولاً ، ويأمرهم بطاعته ، وعقولهم معهم ، فمن أطاعه منهم نجا ، ومن عصاه أدخله النار ، فذلك امتحان بأمر يأمرهم به يفعلونه ذلك الوقت ، لا أنه سؤال عن أمر مضى لهم في الدنيا من طاعة أو عصيان ، كسؤال الملكين في القبر .
وأجابوا عن أدلة الأولين : أما حديث أبي هريرة ، فليس المراد بعذاب القبر فيه عقوبة الطفل على ترك طاعة أو فعل معصية قطعاً ، فإن الله لا يعذب أحداً بلا ذنب عمله ، بل عذاب القبر قد يراد به الألم الذي يحصل للميت بسبب غيره ، وإن لم يكن عقوبة على عمله ، ومنه قوله r : " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه " أي : يتألم بذلك ويتوجع منه ، لا أنه يعاقب بذنب الحي ، ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الأنعام : 164 ] وهذا كقول النبي r : " السفر قطعة من العذاب " فالعذاب أعم من العقوبة ، ولا ريب أن في القبر من الآلام والهموم والحسرات ما قد يسري أثره إلى الطفل فيتألم ، فيشرع للمصلي عليه أن يسأل الله تعالى أن يقيه ذلك العذاب ، والله أعلم .
واختلفوا ، هل السؤال في القبر عام في حق المسلمين والمنافقين والكفار، أو يختص بالمسلم والمنافق ؟ فقيل : يختص ذلك بالمسلم والمنافق دون الكافر الجاحد المبطل ، وقيل : السؤال في القبر عام للكافر والمسلم ، وهذا هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة ، واستثناء الكافر من هذا لا وجه له .
واختلفوا ، هل السؤال في القبر مختص بهذه الأمة أو يكون لها ولغيرها ؟
على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه خاص بهذه الأمة لأن الأمم قبلنا كانت الرسل تأتيهم بالرسالة فإذا أبوا ، كَفَّتِ الرسل واعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب ، فلما بعث محمد r بالرحمة إماماً للخلق – كما قال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) [ الأنبياء : 107 ] أمسك عنهم العذاب وأعطي السيف حتى يدخل في دين الإسلام من دخل لمهابة السيف ، ثم يرسخ الإيمان في قلبه ، فأمهلوا فمن ثم ظهر أمر النفاق ، وكانوا يسرون الكفر ويعلنون الإيمان فكانوا بين المسلمين في ستر ، فلما ماتوا قيض الله لهم فتاني القبر ليستخرجا سرهم بالسؤال .
واحتج أهل هذا القول بقوله r : " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها " وبقوله : " أوحي إليّ أنكم تفتنون في قبوركم " وهذا ظاهر في الاختصاص بهذه الأمة ، ويدل عليه قول الملكين : " ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم " .
القول الثاني : أن السؤال في القبر لهذه الأمة ولغيرها .
وأجاب أصحاب هذا القول عن أدلة القول الأول بأنها لا تدل على الاختصاص بالسؤال لهذه الأمة دون سائر الأمم ، وقوله : " هذه الأمة " إما أن يراد به أمة الناس : أي بني آدم كما في قوله : ( وما من دابةٍ في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] وكل جنس من أجناس الحيوان يسمى أمة ، وإن كان المراد أمته r لم يكن فيه ما ينفي سؤال غيرهم من الأمم ، لأنه إخبار لهم بأنهم يسألون في قبورهم ، وكذلك حديث : " أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " مجرد إخبار لا ينفي سؤال غيرهم ، وهذا القول هو الصواب ، لأن الأدلة تثبته فقد قال الله تعالى في حق آل فرعون : " وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " وقوله صلى الله عليه وسلم : " يهود تعذب في قبورها " فهذه أدلة صريحة لا مراء فيها تدل دلالة قاطعة على فتنة القبر وأنها حق لا جدال فيه ، نسأل الله العظيم الجليل بمنه وكرمه أن يقينا عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات .
القول الثالث : التوقف في هذه المسألة لأن الأدلة في ذلك محتملة وليست قاطعة في الاختصاص ، ففتنة القبر حاصلة لا محالة ولا شك فيها ، فقد تكون خاصة بهذه الأمة وقد تكون خاصة بها وبغيرها . والله أعلم .
صفة سؤال الملكين للميت على ما وردت به الأحاديث :
جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قوله r : " فتعاد روحه ( يعني : الميت ) في جسده ويأتيه ملكان " .
وفي " الصحيحين " من حديث قتادة عن أنس ، أن النبي r قال : " إن الميت إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله " . قال : " فيقول : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة " قال رسول الله r : " فيراهما جميعاً " قال : " فأما الكافر والمنافق ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقولان له : لا دريت ولا تليت .
ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه ، فيصيح صيحة ، فيسمعها من عليها غير الثقلين " .
وفي حديث آخر في " صحيح أبي حاتم : " أتاه ملكان أسودان أزرقان ، يقال : لأحدهما المنكر ، وللآخر : نكير " .
وفي حديث آخر في " المسند " و " صحيح ابن حبان " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي r قال : " إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه والصيام عن يمينه والزكاة عن شماله ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان عند رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه ، فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل . ثم يؤتى من يمينه ، فيقول الصيام : ما قبلي مدخل . ثم يؤتى من يساره فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل . ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان : ما قبلي مدخل . فيقال له : اجلس . فيجلس ، وقد مثلت له الشمس وقد أخذت في الغروب ، فيقال له : هذا الرجل الذي كان فيكم ، ما تقول فيه ؟ وماذا تشهد به عليه ؟ فيقول : دعوني حتى أصلي . فيقولون : إنك ستصلي ، أخبرنا عما نسألك عنه .. " الحديث .
فهذه الأحاديث وما جاء بمعناها تدل على مسائل :
1- أن السؤال يحصل حين يوضع الميت في قبره ، وفي هذا رد على أهل البدع كأبي الهذيل والمريسي القائلين : إن السؤال يقع بين النفختين .
2- تسمية الملكين منكر ونكير ، وفي هذا رد على من زعم من المعتزلة أنه لا يجوز تسميتهما بذلك ، أولوا ـ فسروا ـ ما ورد في الحديث بأن المراد بالمنكر تلجلجه إذا سئل والنكير تقريع الملائكة له .
3- أنها ترد روح الميت إليه في قبره حين السؤال ، ويجلس ويستنطق وفي هذا رد على أبي محمد بن حزم حيث نفى ذلك ، إلا إن كان يريد نفي الحياة المعهودة في الدنيا ، فهذا صحيح ، فإن عود الروح إلى بدن الميت ليس مثل عودها إليه في هذه الحياة الدنيا ، وإن كان ذاك قد يكون أكمل من بعض الوجوه ، كما أن النشأة الأخرى ليست مثل هذه النشأة ، وإن كان أكمل منها ، بل كان موطن في هذه الدار وفي البرزخ والقيامة له حكم يخصه ، ولهذا أخبر النبي r أن الميت يوسع له في قبره ويسأل … ونحو ذلك ، وإن كان التراب قد لا يتغير فالأرواح تعاد إلى بدن الميت وتفارقه .
تعلقات الروح بالبدن :
وللروح بالبدن تعلقات مختلفة إليك بيانها :
للروح بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :
أحدهما : تعلقها به في بطن الأم جنيناً .
الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
الثالث : تعلقها به في حال النوم ، فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .
الرابع : تعلقها به في البرزخ ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه ، فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً ، بحيث لا يبقى لها إليه التفات البتة ، فقد دلت الأحاديث على ردها إليه عند سؤال الملكين ، وعند سلام المسلم ، وهذا الرد إعادة خاصة ، لا توجب حياة البدن قبل يوم القيامة .
الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد ، وهو أكمل تعلقاتها بالبدن ، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه ، إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتاً ولا نوماً ولا فساداً .
عذاب القبر ونعيمه :
مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب ، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه ، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعّمة أو معذّبة وأنها تتصل بالبدن أحياناً ، ويحصل له معها النعيم أو العذاب ، فأهل السنة والجماعة يتفقون على أن النفس تنعم وتعذب منفردة عن البدن ، وتنعم وتعذب متصلة بالبدن ، والبدن متصل بها ، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين ، كما يكون ذلك على الروح منفردة عن البدن ، وهل يكون النعيم والعذاب على البدن بدون الروح ؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام .
وستجد الإجابة على ذلك في طيات الكلام عن هذا الموضوع .
أدلة عذاب القبر ونعيمه :
أولاً / من القرآن الكريم :
1- قال الله تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) [ الأنعام : 93 ] وهذا خطاب لهم عند الموت ، وقد أخبرت الملائكة – وهم الصادقون – أنهم حينئذ يجزون عذاب الهون ولو تأخر عنهم ذلك إلى انقضاء الدنيا ، لما صح أن يقال لهم : ( اليوم تجزون ) فدل على أن المراد به عذاب القبر .
2- قال الله تعالى : ( فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون . يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم ينصرون . وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون ) [الطور 45 – 47 ] وهذا يحتمل عذابهم بالقتل وغيره في الدنيا ، وأن يراد به عذابهم في البرزخ ، وهو أظهر لأن كثيراً منهم مات ولم يعذب في الدنيا ، وقد يقال – وهو أظهر :- إن من مات منهم عذب في البرزخ ومن بقي منهم عذب في الدنيا بالقتل وغيره ، فهو وعيد بعذابهم في الدنيا وفي البرزخ .
3- ومنها قوله : ( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب . النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) [ غافر 45 – 46 ] فذكر عذاب الدارين ذكراً صريحاً لا يحتمل غيره فدل على ثبوت عذاب القبر .
4- قال الله تعالى : ( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذٍ تنظرون نحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون . فلولا إن كنتم غير مدينين . ترجعونها إن كنتم صادقين . فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم . وأما إن كان من أصحاب اليمين . فسلام لك من أصحاب اليمين . وأما إن كان من المكذبين الضالين . فنزل من حميم . وتصلية جحيم ) [ الواقعة 83 – 94 ] فذكر هاهنا أحكام الأرواح عند الموت ، وذكر في أول السورة أحكامها يوم المعاد الأكبر ، وقدم ذلك على هذا تقديم الغاية للعناية ، إذ هي أهم وأولى بالذكر ، وجعلهم عند الموت ثلاثة أقسام ، كما جعلهم في الآخرة ثلاثة أقسام .
ثانياً / من السنة النبوية :
إذا تأملت أحاديث عذاب القبر ونعيمه ، وجدتها تفصيلاً وتفسيراً لما دل عليه القرآن ، وأحاديث عذاب القبر كثيرة متواترة عن النبي r ومنها :
1- ما في " الصحيحين " عن ابن عباس أن النبي r مر بقبرين ، فقال : " إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير : أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم دعا بجريدة فشقها نصفين ، فقال : " لعله يخفف عنهما مالم ييبسا " .
2- وفي " صحيح مسلم " عن زيد بن ثابت قال : بينما رسول الله r في حائط لبني النجار على بغلته ونحن معه ، إذ حادت به فكادت تلقيه فإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال : " من يعرف أصحاب هذه القبور ؟ " فقال رجل : أنا ، قال : " فمتى مات هؤلاء ؟ " قال : في الإشراك . فقال : " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه … " الحديث .
3- وفي " صحيح مسلم " وجميع " السنن " عن أبي هريرة أن النبي r قال : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ، فليتعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " .
4- وفي " الصحيحين " عن أبي أيوب قال : خرج النبي r وقد وجبت الشمس فسمع صوتاً فقال : " يهود تعذب في قبورها " .
5- وفي " الصحيحين " عن عائشة رضي الله عنها قال : دخلت علىّ عجوز من عجائز يهود المدينة ، فقالت : إن أهل القبور يعذبون في قبورهم . قالت : فكذبتها ، ولم أنعم أن أصدقها . قالت : فخرجت ودخل عليّ رسول الله r فقلت : يا رسول الله ! إن عجوزاً من عجائز يهود أهل المدينة دخلت فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم ؟ قال : " صدقت ، إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم كلها " قالت : فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر .
6- وعن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ، فيأتيه ملكان ، فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقولان له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة ، فيراهما جميعاً " [ رواه البخاري ] .
قال قتادة : وروي لنا أنه يفسح له في قبره .
7- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قُبر العبد ـ أو الإنسان ـ أتاه ملكان أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما : المنكر ، وللآخر : النكير ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فهو قائل ما كان يقول ، فإن كان مؤمناً قال : هو عبدالله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، فيقولان له : إن كنا لنعلم أنك لتقول ذلك ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً ، وينور له فيه ، فيقال له ، نم فينام كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك . فإن كان منافقاً قال : لا أدري كنت أسمع الناس يقولون شيئاً فكنت أقوله ، فيقولان له : إن كنا لنعلم أنك تقول ذلك ، ثم يقال للأرض التئمي عليه ، فتلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه ، فلا يزال معذباً حتى يبعثه الله تعالى من مضجعه ذلك " [ رواه الترمذي والبيهقي ورجال إسناده على شرط مسلم ]
وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً ، وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به ، ولا نتكلم في كيفيته ، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذه الدار ، والشرع لا يأتي بما يحيله المعقول ، ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول ، فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا .
فكل ما ورد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر ونعيمه وإجلاس الميت وسؤاله واختلاف أضلاعه ، أو مد قبره مد البصر ، فكل ذلك صحيح لا ريب فيه ، إذ لا استطاعة للعقل في فهم ذلك الأمر ولا تصوره لأنه أمر خارق للعادة ، فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مراده من غير غلو ولا تقصير ، قلا يحمل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يقصّر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال ، والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إذا أضيف إليه سوء القصد .
قال صلى الله عليه وسلم : " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها " [ رواه مسلم ] .
فائدة وعبرة :
إذا بلغ الإنسان الأجل الذي قدره الله له واستكمل عمره ورزقه وما كتب له في هذه الدنيا ، جاءته رسل ربه عز وجل ينقلونه من دار الفناء ( وهي دار الدنيا ) إلى دار البِلَى ( وهي حياة القبر ) ثم إلى دار البقاء ( وهي الحياة الآخرة ) التي لا موت فيها بل حياة أبدية ، فيسعد فيها أهل الجنة سعادة لا شقاء معها ، ويشقى فيها أهل النار شقاءً لا سعادة معه ولا بعده ، فإذا حل الأجل وحان الرحيل واستوفى الإنسان أجله في هذه الدنيا جاءته ملائكة ربه تبارك وتعالى لقبض روحه فجلسوا منه مد البصر ، ثم دنا منه الملك الموكل بقبض الأرواح فاستدعى الروح فإن كانت روحاً طيبة ، قال : اخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب ، وإن كانت غير ذلك قال لها الملك : اخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث ، ويصدق ذلك حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ، وهو يلحد له ، فقال : أعوذ بالله من عذاب القبر ( ثلاث مرات ) .
ثم قال : (( إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه الملائكة ، كأن على وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة ، فجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : يا أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ))
قال (( فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ،ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الأرض )) .
قال (( فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ( بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ) . حتى ينتهوا بها إلى السماء ، فيستفتحون له ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتكم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى )) .
قال : (( فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله . فيقولان له : ما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنة )) .
قال : (( فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره )) .
قال : (( ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الذي يجئ بالخير ؟ فيقول : أنا عملك الصالح . فيقول : يا رب ، أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي وما لي )).
قال : ( وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه ، معهم المسوح ، فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجئ ملك الموت ، حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، أخرجي إلى سخط من الله وغضبه ) .
قال: ( فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزعه السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرجوا منها كأنتن ريح خبيثة وجدة على وجه الأرض فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له ، فلا يفتح له ( ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحاً ( ثم قرأ : (( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق )) فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان ، فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ها ه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه ؟ لا أدري . فينادي منادي من السماء : إن كذب عبدي ، فافرشوه من النار ، وافتحوا له باباً إلى النار . فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : من أنت ، فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث . فيقول : ربي لا تقم الساعة ) . [ رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح ، وأبو داود والحاكم وأبو عوانة في صحيحيهما وابن حبان . انظر المشكاة 1/512 ] .
عذاب القبر نوعان :
الأول : ما هو دائم : كما قال تعالى : " وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " ، وهذه الآية دليل وبيان واضح في إثبات عذاب القبر بالنار ، لأنه لا غدو ولا عشي يوم القيامة ، وكذلك كما في حديث البراء بن عازب في قصة الكافر : ثم يفتح له باب إلى النار ، فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة " [ رواه الإمام أحمد في بعض طرقه وصححه شعيب الأرنؤوط في شرح الطحاوية ] .
الثاني : ما هو منقطع : وهو ما يستمر مدة ثم ينقطع ، وهذا عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم ، فيعذب بحسب جرمه ، ثم يخفف عنه .
تنبيه هام :
عذاب القبر وسؤال الملكين ينالان كل من مات ولو لم يدفن ، فهو لعذاب البرزخ ونعيمه ، وهو ما بين الدنيا والآخرة قال تعالى : " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " [ المؤمنون : 100 ] وسمي عذاب القبر باعتبار الغالب فالمصلوب والمحرق والمغرق وأكيل السباع والطيور له من عذاب البرزخ ونعيمه قسطه الذي تقتضيه أعماله وإن تنوعت أسباب النعيم والعذاب وكيفياتهما .
فقد ظن بعض الأوائل أنه إذا حرق جسده بالنار وصار رماداً وذري بعضه في البحر وبعضه في البر في يوم شديد الريح أنه ينجو من ذلك ، فأوصى بنيه أن يفعلوا به ذلك ، فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ثم قال : قم . فإذا هو قائم بين يدي الله ، فسأله : ما حملك على ما فعلت ؟ فقال : خشيتك يا رب ، وأنت أعلم . فرحمه الله . فلم يفت عذاب البرزخ ونعيمه لهذه الأجزاء التي صارت في هذه الحال .
حتى لو علق الميت على رؤوس الأشجار في مهاب الرياح لأصاب جسده من عذاب البرزخ حظه ونصيبه ، ولو دفن الرجل الصالح في أتون من النار ، لأصاب جسده وروحه من نعيم البرزخ نصيبه وحظه ، فيجعل الله النار على هذا برداً وسلاماً ، والهواء على ذلك ناراً و سموماً ، فعناصر العالم ومواده منقادة لربها وفاطرها وخالقها ، يصرفها كيف يشاء ، ولا يستعصي منها شيء أراده بل هي طوع أمره ، ومشيئته منقادة لقدرته ، فغير ممتنع أن ترد الروح إلى المصلوب والغريق والمحرق ، ونحن لا نشعر بها ، لأن ذلك الرد نوع آخر غير المعهود ، فهذا المغمى عليه والسكران والمبهوت أحياء وأرواحهم معهم ولا تشعر بحياتهم ، ومن تفرقت أجزاؤه لا يمتنع على من هو على كل شيء قدير أن يجعل للروح اتصالاً بتلك الأجزاء على تباعد ما بينها وقربه ، ويكون في تلك الأجزاء شعور بنوع من الألم واللذة .
وإذا كان الله تعالى قد جعل في الجمادات شعوراً وإدراكاً ، تسبّح ربها به ، وتسقط الحجارة من خشيته ، وتسجد له الجبال والشجر ، وتسبحه الحصى والمياه والنبات ، كما قال تعالى : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) [ الإسراء : 44 ] فإذا كانت هذه الأجسام فيها الإحساس والشعور ، فالأجسام التي كانت فيها الأرواح والحياة أولى بذلك ، وقد أشهد الله سبحانه عباده في هذه الدار إعادة حياة كاملة إلى بدن قد فارقته الروح فتكلم ومشى وأكل وشرب وتزوج وولد له : ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ) [ البقرة : 243 ] ، ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنّى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم ) [ البقرة : 259] وكقول بني إسرائيل الذين قالوا لموسى : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً ) [ البقرة : 55 ] فأماتهم الله ثم بعثهم من بعد موتهم ، وكأصحاب الكهف وقصة إبراهيم في الطيور الأربعة ، فإذا أعاد الله الحياة التامة إلى هذه الأجساد بعد ما بردت بالموت ، فكيف يمتنع على قدرته الباهرة أن يعيد إليها بعد موتها حياة مستقرة يقضي بها أمره فيها ويستنطقها بها ويعذبها أو ينعمها بأعمالها وهل إنكار ذلك إلا مجرد تكذيب وعناد وجحود ؟ !
المنكرون لعذاب القبر ونعيمه ، وشبهتهم ، والرد عليهم :
أنكرت الملاحدة والزنادقة عذاب القبر ونعيمه وقالوا : إنا نكشف القبر ، فلا نجد فيه ملائكة يضربون الموتى ، ولا حيات ولا ثعابين ولا نيران تأجج ! وكيف يفسح مد بصره أو يضيق عليه ونحن نجده بحاله ونجد مساحته على حد ما حفرناها له ولم يزد ولم ينقص ؟! وكيف يصير القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ؟!
الجواب :
والجواب عن ذلك من وجوه :
أولاً : أن حال البرزخ من الغيوب التي أخبرت بها الأنبياء ولا يكون خبرهم محالاً في العقول أصلاً فلا بد من تصديق خبرهم .
ثانياً : أن النار في القبر والخضرة ليست من نار الدنيا ولا من زروع الدنيا فيشاهد ذلك من شاهد نار الدنيا وخضرها ، وإنما هي من نار الآخرة وخضرها ، وهي أشد من نار الدنيا ، فلا يحس بها أهل الدنيا فإن الله سبحانه يحمي عليه ذلك التراب والحجارة التي عليه وتحته ، حتى يكون أعظم حرّاً من جمر الدنيا ، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك وقدرة الرب أوسع من ذلك وأعجب .
وإذا شاء الله أن يطلع بعض العباد على عذاب القبر ، أطلعه وغيّبه عن غيره ، إذ لو اطلع العباد كلهم لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب ، ولما تدافن الناس كما في " الصحيحين "في الحديث الذي مر من قوله r : " لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " ولما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعت ذلك وأدركته ، كما حادت برسول الله r بغلته وكادت تلقيه لما مر بمن يعذب في قبر ، فرؤية هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجن ، تقع أحياناً لمن شاء الله أن يريه ذلك .
وكيف يستنكر من يعرف الله سبحانه وتعالى ويقر بقدرته أن يحدث حوادث يصرف عنها أبصار بعض خلقه حكمة منه ورحمة بهم لأنهم لا يطيقون رؤيتها وسماعها والعبد أضعف بصراً وسمعاً أن يثبت لمشاهدة عذاب القبر ، وسر المسألة أن هذه السعة والضيق والإضاءة والخضرة والنار ليس من جنس المعهود في هذا العالم .
والله سبحانه إنما أشهد بني آدم في هذه الدار ما كان فيها ومنها ، فأما ما كان من أمر الآخرة ، فقد أسبل عليه الغطاء ليكون الإقرار به والإيمان به سبباً لسعادتهم ، فإذا كشف عنهم الغطاء صار عياناً مشاهداً فلو كان الميت بين الناس موضوعاً لم يمتنع أن يأتيه الملكان ويسألاه من غير أن يشعر الحاضرون بذلك ، ويجيبهما من غير أن يسمعوا كلامه ويضربانه من غير أن يشاهد الحاضرون ضربه ، وهذا الواحد منا ينام إلى جنب صاحبه المستيقظ فيعذب في النوم ويضرب ويألم وليس عند المستيقظ خبر من ذلك البتة ، وقد يرى في منامه أموراً عظاماً فهو يمشي ويجري ويتعرض لمخاطر فيستغيث بمن يغيثه وصاحبه بجانبه لا يدري ما الخبر ، فالله قادر على أن يعذب عبده أو ينعمه في قبره ولا يشعر بذلك أحد من الناس على الإطلاق حكمة بالغة منه سبحانه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير فكثيرة متواترة عن النبي r مثل ما في " الصحيحين " عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي r مر بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " ثم دعا بجريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز في كل قبر واحدة فقالوا : يا رسول الله ! لم فعلت هذا ؟ قال : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " وفي " صحيح مسلم " وسائر " السنن " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي r قال : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليقل : أعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " .
وساق الشيخ أحاديث كثيرة في هذه الباب إلى أن قال : " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله r في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً وسؤال الملكين ، فيجب إعتقاد ذلك والإيمان به ولا نتكلم عن كيفيته إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له في هذه الدار والشرع لا يأتي بما تحيله العقول ولكنه قد يأتي بما تحار به العقول ، فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا ، بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا …… "
إلى أن قال : " واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً ونسف في الهواء أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور ، وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك ، فيجب أن يفهم عن الرسول r مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يحمل كلامه مالا يحتمله ، ولا يقصر به عن مراده وما قصد من الهدى والبيان ، فكم حصل من إهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب مالا يعلمه إلا الله … "
إلى أن قال : " فالحاصل أن الدور ثلاث : دار البيان ، ودار البرزخ ، ودار القرار وقد جعل الله لكل دار أحكاماً تخصها ، وركب هذا الإنسان من بدون ونفس ، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبعٌ لها ، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبع لها ، فإذا جاء يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعاً .
فإذا تأملت هذا المعنى حق التأمل ، ظهر لك أن كون القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار مطابق للعقل وأنه حق لا مرية فيه ، وبذلك يتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم .
ويجب أن يعلم أن النار التي في القبر والنعيم ليس من جنس نار الدنيا ولا نعيمها ، وإن كان الله تعالى حمي عليه التراب والحجارة التي فوقه والتي تحته ، حتى يكون أعظم حراً من جمر الدنيا ، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بها ، بل أعجب من هذا أن الرجلين يدفن أحدهما الى جنب صاحبه ، وهذا في حفرة من النار ، وهذا من روضة من رياض الجنة ، لا يصل من هذا إلى جاره شيء من حر ناره ، ولا من هذا إلى جاره شيء من نعيمه ، وقدرة الله أوسع من ذلك وأعجب ، ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علماً .
وقد أرانا الله في هذه الدار من عجائب قدرته ما هو أبلغ من هذا بكثير ، وإذا شاء الله أن يطلع على ذلك بعض عباده أطلعه وغيّبه من غيره ، ولو أطلع الله على ذلك العباد كلهم لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب ، ولما تدافن الناس كما في " الصحيح " عنه r : " لولا أن لا تدافنوا ، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " .
ومما سبق يتبين لكل منصف طالب للحق أن عذاب القبر ونعيمه واقع لا محالة ، فالمؤمن ينعم في البرزخ على حسب أعماله ، والفاجر يعاقب على قدر أعماله ، ويختص كل عضو بعذاب يليق بجنايته ، وقد وردت أحاديث تدل على ذلك ، فأهل الغيبة الذي يقعون في أعراض الناس ويأكلون لحومهم ، ولا هم لهم إلا غثاء الألسن والتنقص من الناس وذكر عيوبهم وأشباه ذلك فأولئك تقرض شفاههم بمقاريض من نار في قبورهم ، وأما الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً وعدواناً وقهراً وغصباً حباً وطمعاً في الدنيا وزخرفها فأولئك تسجر بطونهم بالنار وتتأجج بها ، مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً " [ النساء ] فأكل مال اليتيم ظلماً بغير وجه حق من المهلكات الموبقات كما في الصحيحين : " اجتنبوا السبع الموبقات ، وذكر منهن : وأكل مال اليتيم . . . " وذكر ابن كثير في تفسيره من حديث أبي برزة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجج أفواههم ناراً " قيل : يارسول الله من هم ؟ قال : " ألم تر أن الله قال : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " [ سكت عنه محمد نسيب الرفاعي في تيسير العلي القدير ] ، وأما أكلة الربا فيلقمون في قبورهم حجارة يأكلونها في بطونهم بسبب أكلهم للمال الحرام ، ويسبحون في أنهار الدم كما كانوا يسبحون في الكسب الخبيث ، وترض رؤوس النائمين عن الصلاة بالحجارة العظيمة ، وأما أهل الكذب ومن تمرسوا عليه فناموا وقاموا على الكذب فأولئك تشق أشداقهم إلى قفاهم ، ومناخرهم إلى قفاهم ، وأعينهم إلى قفاهم بكلاليب عظيمة من الحديد وذلك جزاءً وفاقاً ، فكما كانوا يكذبون الكذبة تبلغ الآفاق فإنهم يعذبون بالكلاليب من الحديد ، وتعلق النساء الزواني بثديهن ، ويحل بساحة الزناة والزواني عذاب شديد في قبورهم حيث يحبسون في تنور ـ فرن ـ محمي عليه فيأتيهم لهب من تحتهم فيصيحون ويصرخون ولا منقذ ولا نصير من مقت الله وعذابه ، فالله حرم الزنا وهم أحلوه ، والله توعد أهل الزنا بالنار وهم كذبوه ، فحاق بهم ما كانوا به يستهزءون ، وكل ذلك ثابت في صحيح البخاري من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ، وتسلط الهموم والغموم ، والأحزان والآلام النفسية على أصحاب النفوس الضعيفة التي انكبت في الدنيا على الملاهي وإضاعة الأوقات النفيسة فيما حرم الله من لهو ولعب وبطالة ، فتصنع الآلام في نفوسهم كما يصنع الهوام والديدان في لحومهم ، حتى يأذن الله بانقضاء أجل العالم وطي الدنيا ، فتُمطَرُ الأرض أربعين مطراً غليظاً أبيض كمني الرجال ، فينبتون من قبورهم كما تنبت الشجرة والعشب ، ثم يأمر الله إسرافيل عليه السلام بالنفخ في الصور النفخة الثالثة وهي نفخة القيام لرب العالمين ، فتتشقق الأرض عنهم فإذا هم قيام ينظرون ، فيقول المؤمن : " الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور " ويقول الكافر والمجرم والعاصي والمذنب : " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ؟ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون " [ يس 53 ] ، فيساقون إلى أرض المحشر حفاة عراة غرلاً بهماً ، ومع كل نفس سائق يسوقها ، وشهيد يشهد عليها ، وهم ما بين مسرور ومثبور ، وضاحك وباك ، قال تعالى : " وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الفجرة الكفرة " [ المطففين ] ، حتى إذا تكاملوا جميعاً وتكاملت عدتهم وصاروا على وجه الأرض ، تشققت السماء ، وانتثرت الكواكب ، ونزلت الملائكة الكرام ، فأحاطت بهم ، بعد ذلك يجيء رب العالمين سبحانه وتقدس للفصل والقضاء ، فأشرقت الأرض بنوره ، وتميز المجرمون من المؤمنين ، ونصب الميزان ، وأحضر الديوان ، وتطايرت الصحف فآخذ صحيفته بيمينه وآخذ صحيفته بشماله أو من وراء ظهره ، فحينئذ تضطرب القدمان ويشيب الولدان ، ويوضع الصراط على ظهر جهنم وحينذاك يوقن المجرم والكافر بوقوع العذاب ، فيؤتى بالشهود ، فتشهد الأسماع والأبصار والجلود ، وتشهد الأرض ويشهد المكان ، وتشهد الألسن والأيدي والأرجل والأفخاذ ، فلم تبق جارحة إلا وشهدت وبالحق نطقت ، فياللفضيحة والعار ، وياللخزي والشنار لأهل الكفر والفجور في ذلك الموقف الرهيب العصيب ، فلا تزال الخصومة بين يدي الله عز وجل حتى يختصم الروح والجسد ، فيقول الجسد : إنما كنت ميتاً لا أعقل ولا أسمع ولا أبصر ، وأنتِ كنتِ السميعة المبصرة العاقلة ، وكنتِ تصرفينني حيث أردتِ ، فتقول الروح : وأنتَ الذي فعلت وباشرت المعصية وبطشت ، فيرسل الله سبحانه إليهما ملكاً يحكم بينهما ، فيقول : مثلكما مثل بصير وقعد ، وأعمى صحيح ، دخلا بستاناً ، فقال المقعد : أنا أرى الثمار ولا أستطيع أن أقوم ، وقال الأعمى : أنا أستطيع القيام ولكن لا أرى شيئاً ، فقال له المقعد : احملني حتى أصل إلى ذلك ، ففعلا ، فعلى من تكون العقوبة ؟ فيقولان : عليهما ، فيقول كذلك أنتما .
ثم تنصب كلاليب عظيمة القدر تعوق الناس عن العبور على حسب ما كانت تعيقهم الدنيا عن طاعة الله ومرضاته وعبوديته ، فناج مسلم ، ومخدوش مسلم ، ومقطع بتلك الكلاليب ، ومكردس في النار ، وقد طفئ نور المنافقين على الجسر أحوج ما كانوا إليه ، كما طفئ نور الإيمان من قلوبهم في الدنيا ، فيصرخون ويقولون للمؤمنين : " انظرونا نقتبس من نوركم " أي انتظرونا نأخذ من نور إيمانكم ما نجوز به الصراط ، فيقول لهم المؤمنون والملائكة : " ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً " أي ارجعوا إلى الدنيا فخذوا من الإيمان نوراً تستطيعون به أن تجتازوا تلك الكلاليب التي وضعت على ظهر جهنم ، فيفصل بينهم بسور له باب ، ولا يتجاوز الصراط إلا المؤمنون ، فحينئذ يأمنون من دخول النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مما وقع بينهم من المظالم في الدنيا حتى يهذبوا وينقوا منها ثم يؤذن لهم بدخول الجنة .
فإذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، أتي بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، ثم يُقال : يا أهل الجنة ؟ فيطّلعون وجلين ، ثم يقال : يا أهل النار ؟ فيطُلعون مستبشرين ، فيقال : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، وكلهم قد عرفه ، فيقال : هذا الموت ، فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت ، ويا أهل النار خلود ولا موت .
فهذا آخر أحوال هذه النطفة التي هي مبدأ الإنسان ، وما بين هذا المبدأ وهذه الغاية أحوال وأطباق قدّر العزيز العليم تنقل الإنسان فيها , وركوبه لها طبقاً بعد طبق ، حتى يصل إلى غايته من السعادة أو الشقاوة . قال تعالى : " قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره " [ عبس 17 – 22 ] .
فعلى المسلم أن يستعد للرحيل ويتزود له بالعمل الجليل ، فقد دنت الآجال وتبددت الآمال ، فلابد من الاجتهاد في الطاعات وزيادة القربات ، فالكل متهيئ للسفر من دار الانتقال إلى دار القرار ، فاستعدوا أيها المسلمون أمر التقوى في القول والعمل واحذروا حب الدنيا والتفاخر بحطامها واكتساب آثامها ، فهي الهالكة والحالقة التي تهلك صاحبها وتحلق دينه وتذيب عقيدته ، فمن وراء ذلك أهوال عظام ، ووحشة وظلمات جسام ، وهناك الهموم والغموم ، والكروب وتضايق الأنفس ، فاعملوا لذلك الزائر الأخير ، هادم اللذات ومفرق الجماعات ، الذي لا يعوقه عائق ، ولا يضرب دونه حجاب ، وياله من نازل لا يستأذن على الملوك ، ولا يلج من الأبواب ، ولا يرحم صغيراً ، ولا يوقر كبيراً ، ولا يخاف عظيماً ، ولا يهاب أحداً ، وإن بعده أهوالاً عظاماً ، ووحشة وقبوراً ، وعذاباً ونعيماً ، فاستيقظوا من الغفلة ، واغتنموا دار المهلة ، فكل محاسب بما عمل ، فإن كان خيراً وعملاً صالحاً ، فذاك الفلاح والنجاح ، وذاك هو الفوز وتلك هي السعادة ، وإن كان شراً وعملاً قبيحاً ، فذاك هو الخسران المبين ، وتلك هي التعاسة والشقاء ، : " أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير " [ فاطر ] ، " أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله " ، " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " ، " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً " ، إنها رحلة عجيبة تلكم الحياة التي يمر بها الإنسان ، فيبدأ من نطفة ثم علقة ثم من مضغة مخلقة ثم تكسى العظام لحماً ثم يكون جنيناً ثم يخرج إلى الحياة طفلاً ثم يشب يافعاً ثم يشيب فيصبح شيخاً ثم يهرم فينقضي أجله فيعود تراباً كما خلق من تراب ، ثم يقاسي في قبره أهوال القبور من نعيم وجحيم ، أنها مسيرة عجيبة غريبة من الناس من يسيرها كاملة ، ومنهم من يسيره جزءاً يسيراً منها ، ومنهم من يسير أكثرها ، قال تعالى : " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " [ البقرة ] ، فالله الله في اغتنام فرصة العمر فيما يقرب إلى الله ويقرب إلى الجنان ويبعد عن النيران ، والحذر كل الحذر من إشغال الوقت بما لا فائدة فيه ، فيعود على صاحبه بالنقمة والحسرة والندامة.
اللهم وفقنا للأعمال الصالحة ، واغتنام الأوقات بالعلوم النافعة ، اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك ، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، اللهم أمنا من عذاب القبر وعذاب النار إنك على كل شيء قدير ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
يا ربي يا رحمان يا رحيم الى من اشكي و انت موجود....و الى من ابكي و بابك غير مردود و من ادعو و انت فقط المعبود و من ارجو و رجائي فيك غير محدود كن ابن من شئت واكتسب ادبا ** يغنيك محموده عن النـــــسب ان الفتى من يقـــــــول هاانذا ** ليس الفتى من يقول كان أبي اِنْ أرْهَقَتْكَ يَومَاً فَرآشَة وَهِيَ تَدورُ حَوْلَ رأَسِكْ ،،وَتترآقَصْ وتَترآقَصْ فَاِيَآكَ أنْ تُجَرّبَ قَتْلَ آلروحُ فيِهآ ،،فَهِيَ حَتْماً تَحْسَبُكَ نُورا | |
|