بُنيت مدينة عنجر على مخطط مستطيل الشكل، وأقيم حولها سورٌ يبلغ طوله 370 متراً وعرضه 310 أمتار. وقد دُعمت الأسوار من الجهة الخارجية بستة وثلاثين برجاً نصف دائري كما دُعمت زواياها بأربعة أبراج دائرية. وتبلغ سماكة هذه الأسوار نحو مترين، فيما يربو ارتفاعها عن سبعة أمتار. وهي مشيدة بالحجر الكلسي بشكل جعلت فيه واجهاتها البناء، الخارجية المطلة على السهل والداخلية المطلة على المدينة، من الحجر المقصوب فيما رُكم الفراغ بينهما بمزيج من الحجر الغشيم والحصى وطين الكلس. وتنتشر هنا وهناك على واجهة السور الخارجية خربشات يصل عددها إلى ستين خربشة نقشها بعض الزائرين أو سكان المدينة في العصر الأموي، ومن بينها واحدة تعود إلى ع
أما الأبنية التي تقوم داخل المدينة، فقد بنيت على أسلوب شاع استعماله في العصر البيزنطي، ويعتمد على تعاقب مداميك الحجر ومداميك طوب الفخّار. ويشكل هذا الأسلوب وسيلة للتخفيف من ثقالة البنيان ولإعطاء البناء شيئاً من المرونة تمكّنه من مواجهة خطر الزلازل، بالإضافة إلى كونه يعتمد على تقنية بنائية سريعة التنفيذ ومتواضعة الكلفة
ام 123 للهجرة، أي 741 للميلاد
أقيم السور بشكل تواجه فيه واجهاته الأربع الجهات الأربع الرئيسية، وفُتح في وسط كل منها باب يحيط به برجان نصفيان. وتم شق طريقين رئيسيين يصل أحدهما الباب الشمالي بالباب الجنوبي، ويصل الأخر الباب الشرقي بالباب الغربي، بحيث أنهما يلتقيان في وسط المدينة ويقطعانها إلى أربعة أحياء، بموجب النمط العمراني الذي كان يُعتمد عند إنشاء الثُكن العسكرية الرومانية، والذي شاع استعماله عند بناء المدن الحديثة منذ أيام الرومان وحتى يُعرف في تاريخ العمارة ب"البوابة الرباعية" التي استخدمت في إنشائها عناصر بنائية قديمة تم استخراجها من احدى المنشآت الرومانية. كما تخترق وسط شوارع المدينة شبكة من المجارير المعدّة لتصريف المياه المبتذلة وقد جُهزت بالفتحات اللازمة لمراقبتها وتنظيفها. وبهدف التركيز على دور عنجر كمركز للتبادل التجاري، أقيم في المدينة نحو 600 حانوت، يتم الدخول إليها والخروج منها من الأروقة المسقوفة الواقعة على جانبي الطريقين
ويحتل الحيّ الجنوبي الشرقي مكانة مرموقة بين أحياء عنجر، إذ يحتوي ما يُعرف ب"القصر الكبير" ومسجد المدينة، فيما تتوزع البيوت والمساكن أنحاء الحي الجنوبي الغربي. أما الحي الشمالي الشرقي فيحتوي قصراً آخر يُعرف ب"القصر الصغير" يقوم في الجهة المقابلة للمسجد، كما يحتوي حمّاماً أقيم على مقربة من بوّابة المدينة الشمالية. أما الحيّ الشمالي الغربي، فيحتوي بدوره على حمّام صغير بالإضافة إلى بُنية لم تحدد وظيفتها بعد، وقد تكون أساساً لقصر ثالث لم يكن العمل فيه قد انتهى بعد عند تدمير المدينة وهجرها
ومن الملفت للنظر أن هذه القصور الثلاثة قد اعتمدت تصميماً يكاد يكون واحداً. فمجمعها يتألف من أربعة أبنية أقيمت حول فناء داخلي واحد ويحيط بها جدار مشترك يشكل لها حرماً. ويُفضي هذا الفناء إلى قاعتي استقبال تتألفان من ثلاثة أسواق متوازية، ينتهي سوقها الرئيسي بحنيّة، فيما يُفضي من جانبيه الآخرين إلى الغرف الخاصة وإلى الغرف الواقعة في الطابق العلوي
أما مسجد المدينة المحاذي للقصر الكبير من جهة الشمال، فمقاييسه متواضعة نسبياً، إذ يبلغ عمقه نحو 10 أمتار، واتساعه 20 متراً، ومحرابه يتوسط جداره القبلي المطلّ على القصر ويتألف هذا المسجد من قاعة صلاة ومن صحن لا سقف عليه، يحتوي بئراً تؤمن الماء لحوض الوضوء. ولصحن المسجد بابان، أحدهما يُفضي إلى الشارع الرئيس الممتد من الشرق إلى الغرب، وأخر يُفضي إلى "السوق" الواقع عند تقاطع الشارعين. أما مساكن الحي الجنوبي الغربي، فقد توزعت بين عدد من الحارات التي تفصل بينها أزقة متعامدة، وتتألف كل واحدة منها من بيتين إلى أربعة أو ستة بيوت. وتكاد جميع بيوت عنجر تعتمد التصميم عينه، إذ أنها تتألف من صحن غير مسقوف يحيط به عدد من الغرف
وعلى مقربة من بوابة المدينة الشمالية حمّام يعتمد في تصميمه على النمط التقليدي الشائع في الحمامات الرومانية والبيزنطية، والذي وصل إلينا عبر الحمامات العربية والتركية. ويتألف هذا الحمّام من غرفة انتظار أو استراحة، تعلوها قبًة مرفوعة على أربع دعائم، تليها الغرفة الباردة فالفاترة فالحارة